لا تلمس جوالي!

 

Photo Source: Tumblr

لن أحاول الالتفاف على تلك الحقيقية، أنا ببساطة من جماعة (لا تلمس جوالي). أتذكر أنني ضربت برفق وبإصبعين اثنين يد صديقة حاولت أن تمد يدها لجوالي السامسونج السابق وقت اشتريته وكان أنيقًا بلونه الأخضر اللامع الزجاجي، ويمثل في حينها طفرة بذاكرته التي جاءت بمساحة تيرابايت خزنت عليها صوري وصور الصديقات ومناسبات العائلة، يدها اللطيفة قاطعتها الضربة الخافتة جدًا من أصبعي اللينين وأنا أضحك قائلة: Do Not Touch My Phone، صديقتي اتخذت موقفًا مني في وقتها، لكنها اليوم تضحك من كونها (حشرية) وهي تتذكر تلك الضربة الخافتة التي كانت سببًا في استفاقتها.
نعم، في جوالي أسرار أعرف أنها ستبدو مضحكة وليست بذات الأهمية، لكنها أشيائي الصغيرة؛ رسائلي مع صديقاتي، صوري التي لم يراها أحد، في الملاحظات مثلًا هناك صفحات كثيرة متناثرة دونت فيها كلمة دلالية كفكرة أو ملاحظة سريعة تتعلق بعملي أو رسالتي أو كتابي أو حتى أفكار قد أحب التدوين عنها، أسئلة وجودية وتساؤلات عادية، هذا إلى جانب تطبيقات المهام وتنظيم الوقت؛ وتلك أشياء أصبحت أتعامل معها مؤخرًا وبعد الكثير من الصدمات النفسية والمواقف (البجيحة) بسرية تامة: نعم أؤمن أن الحديث عنها يعرقلها، ولم أعد اهتم إن ظن الآخرين بي أنني أخاف من الحسد 😏، جوالي هو سري الأعظم، لذلك لا أسمح ببساطة لأيٍ كان أن يلمسه. والاستثناء الوحيد بالطبع: فريدة ابنة أخي ذات السبعة أشهر، وبطبيعة الحال لا يحتاج العارف أن أؤكد أن حتى هذا استثناء مؤقت 😇.

في الواقع الأمر يبدو شائعًا، إن لم يكن حالة عامة وإن اختلفت درجاته بين الناس، لكن الكثير من البشر لا يرتاح لأن يلمس غيره جواله، ربما للأمر علاقة بشعور داخلي بتملك هذا الشيء؛ جوالي مكتبي ملابسي غرفتي سيارتي، تلك أشياء نتفاعل من خلالها مع العالم بشكلٍ شخصي وفريد؛ بدرجة تجعلها امتدادًا لصاحبها مما يجعل من مجرد محاولة شخص آخر استخدامها غير مستساغة وقد تصل عند البعض للشعور بالتعدي أو تخطي للحدود؛ تمامًا كالنظر في جريدة الجالس بجانبك في الطائرة، عيب!

تقنيًا تحاول شركات الهواتف المحمولة توفير ضمانات للخصوصية بدءًا من بصمات الأصابع والوجه/ العين التي تسمح فقط لصاحب الجوال باستخدامه، وصولًا للتحديثات المتتالية التي من شأنها أن تعزز حماية الهواتف من عمليات قرصنة البيانات الشخصية، هذا إلى جانب (تطمينات) شركات مواقع التواصل الاجتماعي التي تحاول فيها اثبات حسن نواياها تجاه مستخدميها، ومع غياب قوانين تحفظ على المستخدمين حقوقهم بالفعل، تبقى مسألة الخصوصية مؤرقة بعض الشيء، فيعني كلنا في الهوا سوا، لكن هذا لا يمنع أنني لا أحب أن يمسك أحد بجوالي.



Comments